فصل: التفسير الإشاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأبو حَيْوَةَ بضم الياء وفتح الصَّادِ واللاَّم مُشَدَّدَة مبنيًا للمفعول من صَلَّى مضعفًا.
قال أبُو البَقَاءِ: والتّضعيفُ للتكثير.
والصَّلْي: الإيقاد بالنَّارِ، يقال: صَلِيَ بكذا- بكسر العين- وقوله: {لاَ يَصْلاَهَا} أي: يَصْلَى بها.
وقال الخليلُ: صَلِيَ الكافرُ النَّارَ أي: قَاسَى حَرَّها وصلاه النَّارَ وَأصْلاَهُ غيرهُ، هكذا قال الرَّاغِبُ. وظاهرُ العِبَارَةِ أنَّ فَعِلَ وَأفْعَل بمعنى، يتعدَّيان إلى اثنين ثانيهما بحرفِ الجرِّ، وقد يُحْذَف.
وقال غيره: صَلِيَ بالنَّارِ أي: تَسَخَّنَ بقربها فـ {سَعِيرًا} على هذا منصوبٌ على إسقاط الخَافض. وَيَدُلُّ على أنَّ أصْلَ يَصْلاها يَصْلَى بها قول الشاعر: [الطويل]
إذَا أوْقَدُوا نَارًا لِحَرْبِ عَدُوِّهِمْ ** فَقَدْ خَابَ مَنْ يَصْلى بِهَا وَسَعِيرِهَا

وقيل: صَلَيْتُه النَّارَ: أدْنَيْتُه منها، فيجوزُ أنْ يكونَ منصوبًا مِنْ غير إسقاطِ خافضٍ.
قال الفرَّاءُ: الصلى: اسم الوقود وهو الصّلاء إذا كسرت مدّت، وإذا فتحت قُصِرَتْ، ومن ضَمِّ الياء فهو من قولهم: أصْلاَهُ الله حَرَّ النَّار إصلاء، قال: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النساء: 30] وقال: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [المدثر: 26].
وقال أبو زَيْدٍ: يقال: صَلِيَ الرَّجلُ النَّارَ يَصْلاَهَا صَلًى وصلاءً، وهُوَ صَالِي النَّارِ، وقوم صالون وصلاء، قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم} [الصافات: 163] وقال: {أولى بِهَا صِلِيًّا} [مريم: 70] والسّعير في الأصل الجمر المشتعل، وسَعَرْتُ النَّارَ أوقدتها، ومنه: مُسْعِرُ حَرْبٍ، على التشبيه، والمِسْعَرُ: الآلةُ الَّتي تُحَرَّكُ بها النَّارُ. اهـ. بتصرف يسير.

.التفسير المأثور:

.قال السيوطي:

{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}
أخرج ابن أبي شيبة في مسنده وأبو يعلى والطبراني وابن حبان في صحيحه وابن أبي حاتم عن أبي برزة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يبعث يوم القيامة قوم من قبورهم تأجج أفواههم نارًا. فقيل: يا رسول الله من هم؟ قال: ألم تر أن الله يقول: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا}».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة أسري به قال: «نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد وكِّل بهم من يأخذ بمشافرهم، ثم يجعل في أفواههم صخرًا من نار، فتقذف في في أحدهم حتى تخرج من أسافلهم ولهم خوار وصراخ فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء {الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا}».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: إذا قال الرجل يأكل مال اليتيم ظلمًا يبعث يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه ومن أذنيه وأنفه وعينيه، يعرفه من رآه بآكل مال اليتيم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن أبي جعفر قال: من أكل مال اليتيم فإنه يؤخذ بمشفره يوم القيامة فيملأ فوه جمرًا، فيقال له: كل كما أكلته في الدنيا، ثم يدخل السعير الكبرى.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في الآية قال: هذه لأهل الشرك حين كانوا لا يورثونهم ويأكلون أموالهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله: {سعيرًا} يعني وقودًا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال السعير واد من فيح في جهنم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمًا: مدمن الخمر، وآكل ربا، وآكل مال اليتيم بغير حق، والعاق لوالديه». اهـ.

.قال الذهبي:

قال الله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا}. وقال الله تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده}.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المعراج: «فإذا أنا برجال وقد وكل بهم رجال يفكون لحاهم وآخرون يجيئون بالصخور من النار فيقذفونها بأفواههم وتخرج من أدبارهم فقلت: يا جبريل من هؤلاء قال: الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا». رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يبعث الله عز وجل قومًا من قبورهم تخرج النار من بطونهم تأجج أفواههم نارًا فقيل من هم يا رسول الله؟ قال: ألم تر أن الله تعالى يقول: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا}.
وقال السدي رحمه الله تعالى: يحشر آكل مال اليتيم ظلمًا يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأنفه وعينه كل من رآه يعرفه أنه آكل مال اليتيم.
قال العلماء: فكل ولي ليتيم إذا كان فقيرًا فأكل من ماله بالمعروف بقدر قيامه عليه في مصالحه وتنمية ماله فلا بأس عليه وما زاد على المعروف فسحت حرام لقول الله تعالى: {ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف}. وفي الأكل بالمعروف أربعة أقوال أحدها أنه الأخذ على وجه القرض والثاني الأكل بقدر الحاجة من غير إسراف والثالث أنه أخذ بقدر إذا عمل لليتيم عملًا والرابع أنه الأخذ عند الضرورة فإن أيسر قضاه وإن لم يوسر فهو في حل وهذه الأقوال ذكره ابن الجوزي في تفسيره.
وفي البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا». وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما. وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال: «كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة». وأشار بالسبابة والوسطى.
كفالة اليتيم هي القيام بأموره والسعي في مصالحه من طعامه وكسوته وتنمية ماله إن كان له مال وإن كان لا مال له أنفق عليه وكساه ابتغاء وجه الله تعالى وقوله في الحديث له أو لغيره أي سواء كان اليتيم قرابة أو أجنبيًا منه فالقرابة مثل أن يكفله جده أو أخوه أو أمه أو عمه أو زوج أمه أو خاله أو غيره من أقاربه والأجنبي من ليس بينه وبينه قرابة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ضم يتيمًا من المسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله تعالى أوجب الله له الجنة إلا أن يعمل ذنبًا لا يغفر». وقال صلى الله عليه وسلم: «من مسح رأس يتيم لا يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنة ومن أحسن إلى يتيم أو يتيمة عنده كنت أنا وهو هكذا في الجنة».
وقال رجل لأبي الدرداء رضي الله عنه: أوصني بوصية قال ارحم اليتيم وأدنه منك وأطعمه من طعامك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل يشتكي قسوة قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أردت أن يلين قلبك فأدن اليتيم منك وامسح رأسه وأطعمه من طعامك فإن ذلك يلين قلبك وتقدر على حاجتك. ومما حكي عن بعض السلف قال كنت في بداية أمري مكبًا على المعاصي وشرب الخمر فظفرت يومًا بصبي يتيم فقير فأخذته وأحسنت أليه وأطعمته وكسوته وأدخلته الحمام وأزلت شعثه وأكرمته كما يكرم الرجل ولده بل أكثر فبت ليلة بعد ذلك فرأيت في النوم أن القيامة قامت ودعيت إلى الحساب وأمر بي إلى النار لسوء ما كنت عليه من المعاصي فسحبتني الزبانية ليمضوا بي إلى النار وأنا بين أيديهم حقير ذليل يجروني سحبًا إلى النار وإذا بذلك اليتيم قد اعترضني بالطريق وقال: خلوا عنه يا ملائكة ربي حتى أشفع له إلى ربي فإنه قد أحسن إلي وأكرمني. فقالت الملائكة: إنا لم نؤمر بذلك وإذا النداء من قبل الله تعالى يقول: خلوا عنه فقد وهبت له ما كان منه بشفاعة اليتيم وإحسانه إليه. قال: فاستيقظت وتبت إلى الله عز وجل وبذلت جهدي في إيصال الرحمة إلى الأيتام. ولهذا قال أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير البيوت بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر البيوت بيت فيه يتيم يساء إليه وأحب عباد الله إلى الله تعالى من اصطنع صنعًا إلى يتيم أو أرملة. وروي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام يا داود كن لليتيم كالأب الرحيم وكن للأرملة كالزوج الشفيق واعلم كما تزرع كذا تحصد معناه أنك كما تفعل كذلك يفعل معك أي لابد أن تموت ويبقى لك ولد يتيم أو امرأة أرملة. وقال داود عليه السلام في مناجاته: إلهي ما جزاء من أسند اليتيم والأرملة ابتغاء وجهك؟ قال:
جزاؤه أن أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي معناه ظل عرشي يوم القيامة.
ومما جاء في فضل الإحسان إلى الأرملة واليتيم عن بعض العلويين وكان نازلًا ببلخ من بلاد العجم وله زوجة علوية وله منها بنات وكانوا في سعة ونعمة فمات الزوج وأصاب المرأة وبناتها بعده الفقر والقلة فخرجت ببناتها إلى بلدة أخرى خوف شماتة الأعداء واتفق خروجها في شدة البرد فلما دخلت ذلك البلد أدخلت بناتها في بعض المساجد المهجورة ومضت تحتال لهم في القوت فمرت بجمعين: جمع على رجل مسلم وهو شيخ البلد وجمع على رجل مجوسي وهو ضامن البلد. فبدأت بالمسلم وشرحت حالها له وقالت أنا امرأة علوية ومعي بنات أيتام أدخلتهم بعض المساجد المهجورة وأريد الليلة قوتهم. فقال لها: أقيمي عندي البينة إنك علوية شريفة. فقالت أنا امرأة غريبة ما في البلد من يعرفني فأعرض عنها فمضت من عنده منكسرة القلب فجاءت إلى ذلك الرجل المجوسي فشرحت له حالها وأخبرته أن معها بنات أيتام وهي امرأة شريفة غريبة وقصت عليه ما جرى لها مع الشيخ المسلم. فقام وأرسل بعض نسائه وأتوا بها وبناتها إلى داره فأطعمهن أطيب الطعام وألبسهن أفخر اللباس وباتوا عنده في نعمة وكرامة. قال فلما انتصف الليل رأى ذلك الشيخ المسلم في منامه كأن القيامة قد قامت وقد عقد اللواء على رأس النبي صلى الله عليه وسلم وإذا القصر من الزمرد الأخضر شرفاته من اللؤلؤ والياقوت وفيه قباب اللؤلؤ والمرجان فقال: يا رسول الله لمن هذا القصر قال لرجل مسلم موحد. فقال يا رسول الله أنا رجل مسلم موحد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقم عندي البينة أنك مسلم موحد. قال فبقي متحيرًا فقال له صلى الله عليه وسلم: لما قصدتك المرأة العلوية قلت أقيمي عندي البينة إنك علوية فكذا أنت أقم عندي البينة إنك مسلم فانتبه الرجل حزينا على رده المرأة خائبة ثم جعل يطوف بالبلد ويسأل عنها حتى دل عليها أنها عند المجوسي فأرسل إليه فأتاه فقال له: أريد منك المرأة الشريفة العلوية وبناتها. فقال: ما إلى هذا من سبيل وقد لحقني من بركاتهم ما لحقني. قال: خذ مني ألف دينار وسلمهن إلي فقال: لا أفعل فقال: لابد منهن. فقال: الذي تريده أنت أنا أحق به والقصر الذي رأيته في منامك خلق لي. أتدل علي بالإسلام؟ فوالله ما نمت البارحة أنا وأهل داري حتى أسلمنا كلنا على يد العلوية ورأيت مثل الذي رأيت في منامك وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم العلوية وبناتها عندك؟ قلت: نعم يا رسول الله قال: القصر لك ولأهل دارك وأنت وأهل دارك من أهل الجنة خلقك الله مؤمنًا في الأزل. قال فانصرف المسلم وبه من الحزن والكآبة ما لا يعلمه إلا الله. فانظر رحمك الله إلى بركة الإحسان إلى الأرملة والأيتام ما أعقب صاحبه من الكرامة في الدنيا.
ولهذا ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله». قال الراوي أحسبه قال: «وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر» والساعي عليهم هو القائم بأمورهم ومصالحهم ابتغاء وجه الله تعالى. وفقنا الله لذلك بمنه وكرمه إنه جواد كريم رؤوف غفور رحيم. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: ذكر الناسين بدء خلقهم بالأشباح والأرواح فخلقوا بالأشباح من آدم، وبالأرواح من روح محمد صلى الله عليه وسلم. قال: أول ما خلق الله روحي فهو أبو الأرواح. وخلق من الروح زوجه وهي النفس، خلقها من أدنى شعاع من أشعة أنوار روح محمد صلى الله عليه وسلم {وبث منهما رجالًا كثيرًا} أرواحًا كاملين {ونساء} أرواحًا ناقصات {واتقوا الله الذي تساءلون به} أي اتقوه أن تساءلوا به غيره {والأرحام} ولا تقطعوا رحم رحمتي بصلة غيري {وآتوا اليتامى أموالهم} تزكية عن آفة الحرص والحسد والدناءة والخسة والطمع وتحلية بالقناعة والمروءة وعلو الهمة والعافية {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} تزكية عن آفة الخيانة والخديعة وتحلية بالأمانة وسلامة الصدر {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} تزكية عن الجور وتحلية بالعدل، فإن اجتماع هذه الرذائل كان حوبًا كبيرًا حجابًا عظيمًا {فانكحوا ما طاب لكم} تزكية عن الفاحشة وتحلية بالعفة {ذلك أدنى أن لا تعولوا} تزكية عن الحدة والغضب، وتحلية بالسكون والحلم {وآتوا النساء صدقاتهن} تزكية عن البخل والغدر وتحلية بالوفاء والكرم {فكلوه هنيئًا} تزكية عن الكبر والأنفة وتحلية بالتواضع والشفقة. فهذه كلها إشارات إلى تربية يتامى القلوب والنفوس بإيتاء حقوق تزكيتهم عن هذه الأوصاف وتحليتهم بهذه الأخلاق. ثم نهى عن إيتاء النفوس الأمارة حظوظها فقال: {ولا تؤتوا السفهاء} وإنما قال: {أموالكم} لأن الخطاب مع العقلاء والصلحاء وقد خلق الله الدنيا لأجلهم أن الأرض يرثها عبادي الصالحون. {وارزقوهم فيها} قدر ما يسد الجوعة {واكسوهم} ما يستر العورة وما زاد فإسراف في حق النفس {وقولوا لهم قولًا معروفًا} كنحو: أكلت رزق الله فأدّي شكر نعمته بامتثال أوامره نواهيه وإلا أذيبي طعامك بذكر الله كما قال صلى الله عليه وسلم: «أذيبوا طعامكم بذكر الله» {وابتلوا اليتامى} أي قلوب السائرين بأدنى توسع في المعيشة بعد أن كانوا محجورين عن التصرف {حتى إذا بلغوا} مبلغ الرجال البالغين {فإن آنستم منهم رشدًا} بأن استمروا بذلك التوسع على السير وزادوا في اجتهادهم وجدهم كما قال الجنيد: أشبع الزنجي وكدّه {فادفعوا إليهم أموالهم} فالعبد في هذا المقام يكون جائز التصرف في مماليك سيده كالعبد المأذون، ولهذا قال هاهنا {أموالهم ولا تأكلوها إسرافًا} أي فإن آنستم يا أولياء الطريقة من المريدين البالغين رشد التصرف في أصحاب الإرادة فادفعوا إليهم عنان التصرف بإجازة الشيخوخية، ولا تجعلوا الشيخوخية مأكلة لكم غيرة وغبطة عليهم أن يكبروا بالشيخوخة.